مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الله رَفَعَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عَلَيْهِ السَّلام قَالَ بَيْنَاأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيهِ السَّلام يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ إِذْ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ ذِعْلِبٌ ذُو لِسَانٍ بَلِيغٍ فِي الْخُطَبِ شُجَاعُ الْقَلْبِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ قَالَ وَيْلَكَ يَا ذِعْلِبُ مَا كُنْتُ أَعْبُدُ رَبّاً لَمْ أَرَهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ رَأَيْتَهُ قَالَ وَيْلَكَ يَا ذِعْلِبُ لَمْ تَرَهُ الْعُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ الابْصَارِ وَلَكِنْ رَأَتْهُ الْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ الايمَانِ وَيْلَكَ يَا ذِعْلِبُ إِنَّ رَبِّي لَطِيفُ اللَّطَافَةِ لا يُوصَفُ بِاللُّطْفِ عَظِيمُ الْعَظَمَةِ لا يُوصَفُ بِالْعِظَمِ كَبِيرُ الْكِبْرِيَاءِ لا يُوصَفُ بِالْكِبَرِ جَلِيلُ الْجَلالَةِ لا يُوصَفُ بِالغِلَظِ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ لا يُقَالُ شَيْءٌ قَبْلَهُ وَبَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ لا يُقَالُ لَهُ بَعْدٌ شَاءَ الاشْيَاءَ لا بِهِمَّةٍ دَرَّاكٌ لا بِخَدِيعَةٍ فِي الاشْيَاءِ كُلِّهَا غَيْرُ مُتَمَازِجٍ بِهَا وَلا بَائِنٌ مِنْهَا ظَاهِرٌ لا بِتَأْوِيلِ الْمُبَاشَرَةِ مُتَجَلٍّ لا بِاسْتِهْلالِ رُؤْيَةٍ نَاءٍ لا بِمَسَافَةٍ قَرِيبٌ لا بِمُدَانَاةٍ لَطِيفٌ لا بِتَجَسُّمٍ مَوْجُودٌ لا بَعْدَ عَدَمٍ فَاعِلٌ لا بِاضْطِرَارٍ مُقَدِّرٌ لا بِحَرَكَةٍ مُرِيدٌ لا بِهَمَامَةٍ سَمِيعٌ لا بِآلَةٍ بَصِيرٌ لا بِأَدَاةٍ لا تَحْوِيهِ الامَاكِنُ وَلا تَضْمَنُهُ الاوْقَاتُ وَلا تَحُدُّهُ الصِّفَاتُ وَلا تَأْخُذُهُ السِّنَاتُ سَبَقَ الاوْقَاتَ كَوْنُهُ وَالْعَدَمَ وُجُودُهُ وَالابْتِدَاءَ أَزَلُهُ بِتَشْعِيرِهِ الْمَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لا مَشْعَرَ لَهُ وَبِتَجْهِيرِهِ الْجَوَاهِرَ عُرِفَ أَنْ لا جَوْهَرَ لَهُ وَبِمُضَادَّتِهِ بَيْنَ الاشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لا ضِدَّ لَهُ وَبِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ الاشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لا قَرِينَ لَهُ ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ وَالْيُبْسَ بِالْبَلَلِ وَالْخَشِنَ بِاللَّيِّنِ وَالصَّرْدَ بِالْحَرُورِ مُؤَلِّفٌ بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا وَمُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا دَالَّةً بِتَفْرِيقِهَا عَلَى مُفَرِّقِهَا وَبِتَأْلِيفِهَا عَلَى مُؤَلِّفِهَا وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَفَرَّقَ بَيْنَ قَبْلٍ وَبَعْدٍ لِيُعْلَمَ أَنْ لا قَبْلَ لَهُ وَلا بَعْدَ لَهُ شَاهِدَةً بِغَرَائِزِهَا أَنْ لا غَرِيزَةَ لِمُغْرِزِهَا مُخْبِرَةً بِتَوْقِيتِهَا أَنْ لا وَقْتَ لِمُوَقِّتِهَا حَجَبَ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ لِيُعْلَمَ أَنْ لا حِجَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ كَانَ رَبّاً إِذْ لا مَرْبُوبَ وَإِلَهاً إِذْ لا مَأْلُوهَ وَعَالِماً إِذْ لا مَعْلُومَ وَسَمِيعاً إِذْ لا مَسْمُوعَ